الجمعة , 13 ديسمبر 2024

مسائل في الصيام – الدرس السادس والأخير

باب في ما يلزم من أفطر لكبر أو مرض:

* الله سبحانه وتعالى أوجب صوم رمضان على المسلمين، أداء في حق غير ذوي الأعذار، وقضاء في حق ذوي الأعذار، الذين يستطيعون القضاء في أيام أخر،
وهناك صنف ثالث لا يستطيعون الصيام أداء ولا قضاء كالكبير الهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا الصنف قد خفف الله عنه،
فالواجب عليه بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من الطعام‏،
قال الله تعالى‏:‏” ‏لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا‏ “، وقال تعالى‏:‏” ‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏ “،
قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏” ‏هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم‏ ” رواه البخاري‏،
والمريض الذي لا يرجى برؤه من مرضه في حكم الكبير، فيطعم عن كل يوم مسكيناً‏.‏

* وأما من أفطر لعذر يزول كالمسافر والمريض مرضاً يرجى زواله، والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما، والحائض والنفساء،
فإن كلا من هؤلاء يتحتم عليه القضاء، بأن يصوم من أيام أخر بعدد الأيام التي أفطرها، قال تعالى‏:‏” ‏وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏ “‏‏.‏

* وفطر المريض الذي يضره الصوم والمسافر الذي يجوز له قصر الصلاة سنة، لقوله تعالى في حقهم‏:” ‏فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏ “‏ أي‏:‏ فليفطر وليقض عدد ما أفطره،
قال تعالى‏:‏” ‏يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ‏ “،‏ والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما،
وفي الصحيحين‏‏:‏” ‏ليس من البر الصيام في السفر‏ “،
وإن صام المسافر أو المريض الذي يشق عليه الصوم، صح صومهما مع الكراهة.

* وأما الحائض والنفساء، فيحرم في حقها الصوم حال الحيض والنفاس ولا يصح‏.

* والمرضع والحامل يجب عليهما قضاء ما أفطرتا من أيام أخر، ويجب مع القضاء على من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته‏،
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله‏:‏” ‏أفتى ابن عباس وغيره من الصحابة في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أن تفطرا وتطعما عن كل يوم مسكينا،
إقامة للإطعام مقام الصيام ‏”‏ يعني‏:‏ أداء مع وجوب القضاء عليهما‏.‏

* ويجب الفطر على من احتاج إليه لإنقاذ من وقع في هلكة، كالغريق ونحوه‏.

* قال ابن القيم‏:‏ “‏ وأسباب الفطر أربعة‏:‏ السفر، والمرض، والحيض، والخوف من هلاك من يخشى عليه الهلاك بالصوم كالمرضع والحامل، ومثله مسألة الغريق ‏”‏‏.

* مسألة:
يجب على المسلم تعيين نية الصوم الواجب من الليل كصوم رمضان، وصوم الكفارة، وصوم النذر، بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو يصوم نذرا أو كفارة،
لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏” ‏إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى “،‏ وعن عائشة مرفوعا‏ً:‏” من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له‏ “،
فيجب أن ينوي الصوم الواجب في الليل، فمن نوى الصوم من النهار كمن أصبح ولم يطعم شيئاً بعد طلوع الفجر، ثم نوى الصيام، لم يجزئه، إلا في التطوع،
وأما الصوم الواجب، فلا ينعقد بنيته من النهار؛ لأن جميع النهار يجب فيه الصوم، والنية لا تنعطف على الماضي‏،
أما صوم النفل، فيجوز بنية من النهار، لحديث عائشة رضي الله عنها‏:‏” ‏دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال‏:‏ هل عندكم من شيء، فقلنا‏:‏ لا،
قال‏:‏ فإني إذاً صائم‏ ” رواه الجماعة إلا البخاري، ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان مفطراً لأنه طلب طعاماً،
وفيه دليل على جواز تأخير نية الصوم إذا كان تطوعاً، فتخصص به الأدلة المانعة‏.‏
فشرط صحة صوم النفل بنية من النهار أن لا يوجد قبل النية مناف للصيام من أكل وشرب ونحوهما، فإن فعل قبل النية ما يفطره، لم يصح الصيام بغير خلاف‏.
تم الانتهاء بتوفيق الله عز وجل من مسائل في الصيام …

شاهد أيضاً

مسائل في الصيام – الدرس الثالث

باب في وجوب صيام رمضان ووقته * متى يتعين ويجب الصيام: يبدأ وجوب صوم شهر …